انقذوا الجيش اليتيم لتنقذوا انفسكم
د.نسيب حطيط
يقوم الجيش اللبناني بواجباته في حماية الدولة و الشعب مع قلة الامكانيات و كثرة المشاكل،يطلبه الجميع للحماية ويجلده الجميع عندما لايرفعون الغطاء السياسي على المعتدين عليه، ويمنعونه من الدفاع عن نفسه.
الجيش "اليتيم" لا طائفة تحميه ولا دولة، و لم تؤمن له المستشفى اللائق(لا زال المستشفى العسكري منذ الانتداب الفرنسي)ولا تؤمن له السلاح و مطلوب منه الفصل بين الاحزاب و الطوائف و المناطق،واطفاء حرائق الاحراج وتوزيع المساعدات عند الكوارث وحماية المظاهرات....ومع ذلك لاحماية له...فكل من لا يرى ان الجيش معه فهو ضده حتما ولايزال الجيش اللبناني، الجيش العربي الوحيد الذي يطلق النار على العدو الاسرائيلي بالاضافة للجيش العربي السوري المستنزف الآن .
قاتل الجيش في نهر البارد،و القي القبض على مقاتلي فتح الاسلام ، ،وتضيع دماء العسكريين في بازار الطائفية و الحملات الإنتخابية...يقتل الجيش في عرسال ويطاف بجثثهم مع الابتهاج و علامات النصر...ويدان الجيش لأنه لم يطلب اذنا من فخامة رئيس البلدية وتنسيقية عرسال لدعم الثورة السورية!!
ابتلع الكثيرون السنتهم لان القاتل من داعمي الثورة السورية و سقط شعار(لبنان اولاً) و السؤال...ماذا يبقى اذا سقط الجيش؟
الدولة تعاني الشلل وعدم القدرة بين اضرابات و مطالب معيشية،بين النأي بالنفس شعارا.. لم يبق في لبنان سوى مؤسسة الجيش كمؤسسة وطنية حفظت نفسها وتحفظ الباقين ،ولكنها الآن على مشارف السقوط بعد الضربات المتعددة و المتتالية من تكفير للجيش عبر سلفيين تكفيريين،وقتل يغطى من تيارات تدعم الثورة السورية،و الكل يتمتع بالحصانة من طائفته او حزبه إلا الجيش اللبناني الذي يقف وحيدا يتيما لاينصره احد...و البعض يريد هدم هيكله لاستباحة الامن في لبنان.
مجزرة عرسال ليس حادثا عرضيا او فعلا فرديا بل هي ضمن منظومه فكرية و سياسية تحكم بعض القوى السياسية اللبنانية وحلفائها الخارجيين ولابد من التذكير بالمواقف التالية:
- ان اكثر الجماعات السلفية و التكفيرية تعتبر الجيش اللبناني جيشا صليبيا وتحرم الانتساب اليه .
- ان موقف الجماعات المسلحة من فكرة الدولة و التعايش اللبناني موقف سلبي فهي مع دولة الخلافة و الجزية لاهل الكتاب وتسخيف اعيادهم وعقائدهم.
- ان بعض نواب المستقبل خاصة في الشمال يرفعون شعارات مذهبية ضد الجيش "طرابلس عاصة السنة".
- ان قوى 14 آذار بقيادة المستقبل اعلنت موقفها تأييدا للمعارضة السورية ،وتأخذ على الجيش اللبناني وقوفه بمواجهة عمليات التهريب للاسلحة و المسلحين نحو سوريا، وترى بعض القوى السلفية مدعومة من بعض القوى الفلسطينية التي لاترى اي مؤامرة خارجية ضد سوريا ،ان الجيش اللبناني يحرس الداخل اللبناني ويمنعا الفتنة المذهبية التي ستربك المقاومة وتطعنها من الخلف، ولذا تلجا الى اسقاط الجيش و الاصطدام معه لتمزيق وحدته كما حدث عام 1975 ليسهل اقامة المناطق العازلة و الامارات السلفية.
لقد انكشفت عورة المطالبين باسقاط سلاح المقاومة،وهم يطلقون رصاصهم وسواطيرهم على الجيش اللبناني في عرسال ومجدل عنجر وغيرها من المناطق ويسخرون منابرهم لتهشيم معنوياته واتهاهمه الباطل ،فالسلاح الآذاري السلفي يجول في طرابلس ويشعلها في صيدا..
الجيش "اليتيم" يطلق صرخته المذبوحة...انقذوا الجيش لتنقذوا انفسكم ايها السياسيون..وايها المسؤولون، فإن سقط الجيش لا امن ولا امان لاحد...ولا انتخابات ولا حكومة...لا سياحة و لا اقتصاد . النار السورية تقترب من لبنان ولن ينفع الندم فيما بعد.... فالمنطقة تشتعل سياسيا في سوريا و العراق ومصر وتونس وليبيا...وعلى ابواب الانفجار الشامل في لبنان الى ايران وكل المنطقة.
المطلوب بعض الوطنية و التعقل و الحكمة...للسيطرة على الهدوء الحذر في لبنان..من لا يحمي الجيش فانه يطلق النار على نفسه و يباشر الانتحار البطيء...فهل من يسمع او يبادر....!!!
*سياسي لبناني